أحمد المهدي يكتب: النصب على الأحياء وأحاديث الموتى

أحمد المهدي
أحمد المهدي

يبدو أن هوس المال ألهم المجرمين والمحتالين إلى ابتكار أساليب وطرق جديدة للنصب والاحتيال، ففي الأونة الأخيرة انتشر على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي عناوين ومنشتات تجتاز العقل فى تفكيره بل قد تؤدي بالقارئ إلى زيارته مستشفي العباسية ليتأكد من صحة ما يقرأه وهو «النصب على الأموات» و«حديث  الجثة بعد تشريحها» بخلاف الكثير من العناوين الجامحة التى ترهق الفكر وتشتت مساره أو العدول عنه .

مخاطبة " الموتي" فخ كان يوهم به مستريح الطب الشرعي ضحاياه  واستطاع من هذا الفخ ان يحصل علي الأموال من ضحاياه  .. بدأت الحكاية داخل غرف التشريح وإدراج الموتي حيث أوهم ضحاياه أنه يستطيع التحدث مع الموتي وهم أيضا يتبادلون الحديث معه حتي انتشر الخبر داخل المشرحه وفصل من عمله بعد ذلك بدأ في مخادعة الناس عن طريق الجدل بعدما اقنعه صديقه انه يمكنه كسب المال عن طريق استغلال قدرته في التحدث مع الموتي لانها ستجعله يحصل علي الكثيرمن المال وبالفعل استغل ذلك في النصب علي الناس بعد القبض عليه حاول الطبيب ان يتخلص من وهمه وقال امام النيابه «أنا ما بعرفش أتواصل مع الأموات بس كانت طبيعة شغلي بتخليني أتخيل كدة.. لاقيت الموضوع بيجيب فلوس من الناس فقررت أشتغل بيه لحد ما اتقبض عليا أنا وشريكي»


فمن الحقائق المدهشة عن الموتى والتى قرأناها وسمعنا عنها من أجدادنا بعض المواقف التى تصدق ، بخلاف القضية التى نحن بصددها .
يذكر أنه «كان متوفي أهله مشتغلين بتغسيله وتكفينه، جهزوه وحملوه على نعشه باكين ومكبرين ليوصلوه إلى مثواه الأخير، وبينما كان المشيعون مشتغلين، وبينما كان النعش يسير نحو لحده، وإذا بالحياة تعود إلى الميت مرة أخرى، فأخذ يتقلب ذات اليمين وذات الشمال، وأخذ ينادي لعل أحدا يجيره، ولكن أصوات المشيعين من جانب، وتمايل النعش من جانب، والتفاف الكفن على جسمه حال دون ذلك، وما إن أنزل المشيعون النعش على شفير القبر، ورفعوا الغطاء عن بطنانه، إذا باليائس البائس يجلس ويستدير ليرى ما الذي يجري، فما كان من أمر من كانوا قبل سويعات يندبون، وعلى الصدر يلطمون،إلا أن يؤثروا الهرب فمنهم من نسي خفيه وتعثر من شدة الدهشة، ومنهم من فرّ لا يدري أين يذهب لينجو بجلده. وبعد أن خلا المكان من الحاضرين وتركوه يجود بنفسه لوحده، يقوم من كان قبل لحظات في عداد الأموات ليجرّ ويلملم في أكفانه ويعود إلى بيته وسط دهشة أهله.

ولطالما سمعنا وتناقلنا حكايات وأحاديث عن عودة أحد الموتى إلى الحياة، يقف المرء ليتساءل: هل من الممكن أن تعود الحياة الى الميت بعد أن سُلبت منه؟ وهل يعتبر ذلك ضربا من ضروب المعجزات كما تتناقله الأحاديث؟ أم إن للعقل حديثا آخر؟

ليس من الغريب أن يموت الناس، فالموت هو المصير المحتوم لكل كائن فيه قلب ينبض أوعين تطرف، ليس من العجب أن ينقل الميت إلى المغتسل لتجهيزه إلى مثواه الأخير، وليس من الغرابة أن يتحول جسده إلى دمية في يد غاسله يقلبه حيثما شاء، يجلسه تارة ويمده أخرى وهو مطأطئ برأسه ومسلم لأمره.. كيف لا وقد غدا جسده رهن التراب.
ولن تستوقفنا جنازة تسير في الطريق محمولة على أعناق الرجال... ربما سنتأثر «فكفى بالموت واعظا» كما يقول الإمام علي بن أبي طالب (ع)... ولكن إن حدث وقام الميت من نعشه، أو جلس في المغتسل أو نهض من قبره، فإن هذه حادثة لا يقوى النسيان على محوها من عقول البشر، مهما تعاقبت عليها الدهور.
أمر معقول.. فعندما نغوص في الماضي نسمع قضايا يقشعر لها الجلد تارة، ويجبرنا الواقع على الضحك منها تارة أخرى.